خاص | مبررات الاندفاع المتصاعد في العراق تجاه التطورات في سورية
تتصاعد حدة التصريحات الرسمية والفصائلية في العراق تجاه تطورات المشهد السوري، ففي الوقت الذي أكدت فيه حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تعزيز أمن حدودها مع سورية، وبحث ملف التطورات سياسياً وأمنياً مع دول أخرى بينها إيران وتركيا والأردن، تجري الفصائل العراقية الحليفة لطهران حراكاً واجتماعات مكثفة لاتخاذ قرار للتوجه إلى سورية.
واليوم الاثنين، أعلنت وزارة الدفاع العراقية، في بيان مقتضب، إرسال وحدات مدرعة من الجيش إلى الحدود الغربية العراقية مع سورية، مؤكدة أنها ستنتشر في مناطق حدودية مفتوحة للتعزيز والإسناد، وذلك بعد يوم واحد من زيارة وزير الدفاع ثابت العباسي المنطقة الحدودية مع سورية، وتفقده قوات الجيش المنتشرة هناك.
ومساء أمس الأحد، بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الأوضاع في سورية، وأكدا في بيان صدر عن بغداد "أهمية العمل على منع تداعي الأوضاع في سورية بشكل يهدد أمن المنطقة واستقرارها". وكشفت مصادر عسكرية عراقية في محافظة الأنبار الحدودية مع سورية، لـ"العربي الجديد"، عن تجمع لفصائل عراقية قرب مبنى الجمرك القديم في بلدة القائم العراقية الحدودية والمقابلة لبلدة البو كمال بالجانب السوري.
وقال ضابط في الجيش العراقي، طلب عدم الكشف عن هويته، إن التجمع بدأ منذ فجر أمس الأحد، ولا نعلم هل سيدخلون الأراضي السورية أم لا، لكن بأعداد لا تتجاوز 300 عنصر مع سيارات رباعية الدفع، فيما أكد آخر أنه من الصعب معرفة هل هناك توجه للفصائل بالتدخل أم لا، كون الشريط الحدودي من الجانبين العراقي والسوري خاضع لانتشارهم منذ سنوات والتنقل مفتوح في الاتجاهين. وأكد لـ"العربي الجديد" أن "أي أسلحة ثقيلة أو معدات عسكرية نوعية لم يتم رصدها حتى الآن".
في غضون ذلك، دعا زعيم مليشيا "أبو الفضل العباس" أوس الخفاجي إلى عقد اجتماع طارئ لفصيله، موجهاً في بيان له فجر اليوم الاثنين "أعضاء الأمانة العامة لقوات أبي الفضل العباس" للمشاركة في ما وصفه بـ"الاجتماع الطارئ لأعضائها مع قادة الأفواج والسرايا". وعلق القيادي بمليشيا "عصائب أهل الحق" حبيب الحلاوي على تطورات الأيام الأخيرة في سورية قائلاً إن "أي تهديد لمقام السيدة زينب ليس مجرد اعتداء على موقع مقدس، بل هو استهداف لكرامتنا ومبادئنا"، محذراً في بيان له من توجه الجماعة التي يتزعمها قيس الخزعلي إلى سورية.
وفي وقت سابق من أمس الأحد، أكد الأمين العام لمليشيا "كتائب سيد الشهداء" أبو آلاء الولائي استعداد جماعته للذهاب إلى سورية والقتال إلى جانب قوات النظام السوري ضد قوات المعارضة.
وفي السياق، اعتبر الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد النعيمي الاندفاع العراقي والتفاعل مع ما يحدث في سورية "سياسيين أكثر من كونهما مخاوف أمنية مرتبطة بالوضع العراقي"، مشيراً إلى أن "الفصائل السورية، رغم بُعدها الجغرافي عن العراق في الوقت الحالي على الأقل، لكنها بالتأكيد لا شأن لها بالساحة العراقية وهدفها معروف"، مشيراً إلى أن "القلق وحالة الاستنفار العراقية مردهما سياسي تشترك فيه الأحزاب الحاكمة والفصائل المسلحة، حيث تعتبر سقوط نظام الأسد إضعافاً للمحور المعرف بمحور المقاومة الذي يبدأ من لبنان وينتهي بطهران"، وفقاً لقوله.
وتوقع النعيمي أن "تنخرط الفصائل العراقية، بقرار إيراني، في الحرب السورية بشكل أكبر وأكثر وضوحاً بالأيام المقبلة"، محذراً من أن تدخل الفصائل الحليفة لإيران في سورية إلى جانب النظام سوف "يرفع من الحالة الطائفية في عموم المنطقة وليس العراق فقط".
يجري ذلك في وقت وجهت فصائل المعارضة السورية التي تقود هجوماً في سورية ضد نظام بشار الأسد، أمس الأحد، رسالة إلى الحكومة العراقية لتطمأنتها، وجاء في الرسالة: "نحن في حكومة الإنقاذ نطمئن الحكومة العراقية والشعب العراقي الشقيق بأن سورية لن تكون مصدراً للقلق أو التوتر في المنطقة، على العكس من ذلك، فإننا ملتزمون بتطوير وتعزيز علاقات التعاون الأخوي مع العراق لضمان استقرار المنطقة وتحقيق المصالح المشتركة لشعبينا".
من جهته، أكد الخبير في الشأن الأمني العراقي عدنان الجبوري، وهو ضابط سابق برتبة لواء في الجيش العراقي، أن "القلق العراقي غير مبرر"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "الأحداث في سورية تتطلب من حكومة بغداد ضبط حدودها معها، ومنع أي عمليات تسلل من سورية وإليها، وهذه مسؤولية مطلوبة في كل الأوقات".
وشدد على أن "الحديث عن مخاوف والاجتماعات الأمنية والتحركات السياسية وتحركات الفصائل المسلحة، كلها غير مبررة، وقد تحمل في طياتها أجندات خاصة"، مؤكداً "عدم وجود أي مؤشرات أمنية إلى مخاطر ما يجري في سورية على العراق".
وكان فصيلان مسلحان في العراق، مدعومان من طهران، قد أكدا أنهما يستعدان للتوجه إلى سورية. واعتبر كاظم الفرطوسي، المتحدث باسم "كتائب سيد الشهداء"، أبرز الفصائل العراقية المسلحة المدعومة من إيران، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "ما يحصل في سورية هو بدفع أميركي إسرائيلي، والعراق سيكون أول بلد يتضرر مما يجري حالياً، ولا نستبعد المشاركة في القتال في سورية مرة أخرى".
في السياق نفسه، قال القيادي في جماعة "أنصار الله الأوفياء" علي الفتلاوي، لـ"العربي الجديد"، إن "العراق يتأثر أمنياً بشكل كبير بأي تطور يحصل داخل سورية، لهذا ممكن جداً ذهاب الفصائل العراقية إلى سورية خلال الفترة المقبلة، وهي جاهزة على مختلف الأصعدة لهذه المهمة القتالية".